محاضرة أولي التطور التاريخي للتدريس

التدريس مهنة وعلم وفن

بعد تعريف التدريس، لا بد من أن نحدد هل التدريس مهنة؟ أم علـم؟ أم فن؟،إختلفت الآراء حول ذلك، لكن يرجع هذا المفهوم كون التدريس علم وفن إلى القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر عندما دخلت على التربية عموماً والتدريس خصوصاً تعديلات جذرية نتيجة اعتبارين هما:   فلسفي إنساني يتلخص بأن الطفل مخلوق ذو حقوق وقيم ويجب أنلا يستعمل معه بالتالي اي أسلوب تعليمي إلا إذا كان الهدف من ورائه رعاية قيمه خلقية وتنمية شخصية الإنسانية المتكاملة.

ذو طبيعة نفسية يقوم عملية التعليم وما يحتوي عليها من عوامل وأنشطة مختلفة من زاوية مدى تأثيرها النفسي في سلوك التلميذ، وملائمتها لقدراته وطاقاته وصلتها باهتماماته وحياته.

فمن المربيين من يرى أن التدريس مهنة، فهو مهنة قائمة على خصائص فنية مهنة كغيره من المهن مثل الطب والهندسة والمحاماة، و لذا فهو يتطلب مجموعة من المهارات الأساسية والتي لا بد من تعليمها لمدرس المستقبل وتدريبه عليها إلى حد ،الإتقان ثم السماح له بالتدريس، وهذا هو دور معاهد الإعداد وكليات التربية، فقد عمدت هاتين المؤسستين إلى إعداد المعلمين وتدريبهم على التدريس بكامل متطلباته، تماما كمهنة الطب، فهي لا تسمح للأطباء بمزاولة مهنتهم إلا بعد تسليحهم وإعدادهم الإعداد الكافي والتأكيد من إتقانهم المهارات الأساسية اللازمة لمزاوله هذه المهنة وضمان نجاحهم. فنحن هنا نسلح المعلمين لممارسة مهنة التدريس فعندما يتخرج الطالب من أي كلية كالعلوم مثلا فيتخرج الطالب من إختصاص معين كالرياضيات، أو الفيزياء، فلا يخوض في التدريس إلا بعد إعداده وتدريبه على التدريس، وإلا فانه كالطالب الذي تخرج من كلية الطب لممارسة مهنة الطب ويعمل في مجال الهندسة الكهربائية تصوّر أدائه ونتائج طلابه ، التحصيلي، فالتدريس مهنة كغيره من المهن.(شريخ، 2008، صفحة 99)

يصبح وهناك وجهة نظر، ترى أن التدريس علم من العلوم، ولتبيان ذلك لا بد من توضيح مفهوم العلم.

قال الباحثون: "إن العلم مجموعة من الحقائق، وصل إليها العقل البشري بالتفكير والتجربة فآمن بها، وطبقها في حياته، وقالوا أيضا إن العلوم مردها إلى العقل، ولذا لا يختلف الناس فيها".(المصري، 2018، صفحة 124)

وهنا نعود للتدريس فنتساءل هل التدريس مجموعة من الحقائق المقررة والقواعد الثابتة التي لا سبيل إلى الشك فيها والاختلاف في تطبيقها؟ وهل يتفاوت حظ المدرسين من المهارة في التدريس بتفاوتهم في الإلمام بهذه الحقائق والقواعد، فيكون أمهرهم في التدريس هو أكثرهم حفظاً وإلماماً بهذه الحقائق، ويكون أقلهم مهارة هو اقلهم حفظاً لها، وإلماماً بها؟ أو أن التدريس نوع من المهارات العملية تكتسب المرانة عليه بالتمرس والتدريب، ثم أليس من المحتمل أن يكون أمهرنا في التدريس أقلنا إلماماً بتلك القواعد، ويكون أحفظنا لها، ويكون أحفظنا لها أقلنا مهارة في المواقف التدريسية العملية؟

إن كل القدرات التي يبديها المعلم تعتمد على أساس علمي تنبع من إطلاع الواسع مثل خبايا اللغة وتمكنه من تفاصيلها، أو تنبع من خلال فممه الواسع لماهية الإنسان والمجتمع ومن خلال اطلاعه على البحوث النفسية والتربوية والاجتماعية، وبهذا قد أصبح ينظر إلى التدريس كنظام له مدخلاته وعملياته ومخرجاته ولكل منها وظيفة محددة.

ومن المربين من يرى أن التدريس علم تطبيقي يتقدم عملياً وفقا لمبادئ وقوانين ونظريات نفسية وتربوية محددة، والتدريس كعلم تطبيقي مدين الى عدد من العلوم الإنسانية والطبيعية، حيث من غير الممكن فهم معطياته المختلفة وتخطيط نظامه وعملياته دون الأخذ بعين الاعتبار ما تقدمه العلوم من تضمينات نظرية وتطبيقية.

وهناك وجهة نظر ثالثة ترى أن التدريس فن، وعلينا أن نبين خصائص الفن لنرى هل التدريس فن؟

إن الفن الغالب عليه أنواع متعددة من المهارات، عنصر التفكير العقلي غير واضح فيه، إن الفن مرده إلى الذوق، والذوق مختلف بين الناس، فإذا تأملنا قليلاً أدركنا أن المقومات الأساسية للتدريس إنما هي تلك المهارة التي تبدو في موقف المدرس وحسن اتصاله بتلاميذه، وحديثه إليهم، واستماعه لهم، وتصرفه في إجاباتهم، وبراعته في استهوائهم والنفاذ إلى قلوبهم، وكل ذلك مظاهر للعملية التعليمية الناجحة.

ولهذا نقول: إن التدريس فن ولكنه -كغيره من الفنون -وثيق الصلة ببعض العلوم التي تمده بالتجارب وتقوده دائماً إلى الأمام، ومـن هـذه العلـوم " علم النفس "، فالتدريس وعلم النفس يعالجان النفس البشرية، ولذا انتفع " فن التدريس " كثيراً بتجارب " علم النفس " وعدَّل كثيراً من طرائقه وأساليبه من ذلك تهذيب علم النفس لأسلوب شرح المفردات اللغوية، حيث نعرضها في جملة، لأن فهم الجملة يساعد على فهم المفرد اللغوي، فأصبح الجزء يفسر في ضوء الكل. إذا النبوغ في أي فن يرتكز على دعامتين هما: الفطرة والموهبة الطبيعية التعلم والصناعة إن فقدان إحدى الدعامتين أو ضالتها يؤخر النبوغ ولا يصل به إلى المستوى المطلوب والتدريس، فن والمهارة فيه تحتاج إلى هاتين الدعامتين، فالقول بأن المدرس مطبوع لا مصنوع، قول غیر مسلم به.(شادية عبد الحليم، 2016، صفحة 158)

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)