محاضرة أولي التطور التاريخي للتدريس

أولا : التطور التاريخي للتدريس

- في حديثنا عن التدريس يتطلب منا تناول التطور التاريخي للتدريس، ففي عهد الكتابة والشفاهية -مفرد شفوي كان المتعلمون أقرب الناس إلى الحكام، وذلك لحاجة الحكام للمتعلمين والمثقفين الذين قل وجودهم، فأصبح المتعلم هبه أو ملاك كريم، ومن هنا أصبح المعلم يريد التقرب إلى الحاكم ويملك الحكم والسلطة، وبهذا اتجهت اهتمامات الناس إلى التعليم. ولم يأخذ التعليم شكل مهنة إلا في بداية القرن الثامن عشر. فقد كان التدريس منحصر في أيدي رجال الدين، وموجه نحو التعليم الديني فقط، إلا أن التدريس عند الصينيين القدماء قد ركز على إعداد الموظفين للدولة من كتاب وموظفين صالحين لخدمة المجتمع، وفي التدريس اليوناني الأثيني كان قد ركز على تعليم الموسيقى والشعر وكان يدرب المتعلمين على أنواع القتال العنيف وارتداء الملابس الحربية، وفي إسبرطة كان هدف التدريس هو إعداد محاربين أشداء في دولة عسكرية قوية، وذلك من خلال زج الفتيان في الثكنات العامة وتدريبهم على الطاعة واحترام السلطة وتعليمهم فنون الحرب والقتال.(داود، 2014، صفحة 21) .

- أما عند الرومان، فقبل انتشار المسيحية كان البيت وحده هو السبيل الوحيد لتنشئة الفرد وتربيته، حيث يلازم الطفل والديه ويتعلم منهم أمور الحياة بطريق تقليدية. أما عنـد انتشار المسيحية، فقد بنت تعاليمها على طبيعة الإنسان الأخلاقية، ولقد علقت المسيحية آمالها على الفكرة لحل مشكلات الإنسان، وأن الحل لا يكمن في السعادة بل إن السعادة تكمن في فكرة المحبة والإحسان بين الناس سعيا لإصلاح السلوك البشري على أسس أخلاقية مسيحية.

- أما في عصر صدر الإسلام انقلبت الموازين، وحدث اختلاف جذري في التربية، فقد جاءت رسالة السلام شاملة لجميع الأمور الدينية والدنيوية، وكانت تعتمد على الحفظ والتلقين والسلوك اللفظي من النصح والإرشاد والتذكر والوعد والوعيد والقدوة والحوار والقياس وغيرها.(الخولي، 2011، صفحة 114)

- وما بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر وهو ما يعرف بـ "عصر النهضة"، حيث دعا العلماء إلى تربية جديدة مناسبة لروح العصر تهتم بالإنسان بكافة جوانبه، وتنظر إليه نظرة أكثر واقعية ومن علماء التدريس آنذاك: (جون لوك)، و (روسو)، و(بستالوتزي) و (هربارت)، و(فروبل)، وغيرهم. هذا وقد اهتم العرب أيضا في التدريس ومنهم (الفراهيدي) و(الغزالي)، و(ابن سيناء)، و(الرازي) و(الجاحظ)، و(الإمام ابن القيم الجوزية) و(ابن خلدون)، و(الإمام محمد عبد الوهاب)، وغيرهم.

- وفي القرن العشرين بدأ التركيز على الطفل واهتماماته ورغباته وميوله، ويظهر في التعليم النظامي على شكل مدارس ووسائل تعليمية مميزة، وأجريت العديد من الدراسات التي تتعلق بنمو الطفل، وحينها سمّيَّ علم التربية بعلم البيداغوجيا (Pedagogy)، وعبر القرن العشرين تطور التدريس تدريجيًا حيث وصلنا بصيغته هذه، فهو في الوقت نفسه علم تطبيقي انتقائي نشأ من علوم مختلفة، كعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والمنطق، نشأ كعلم له مبادئ وإجراءات فنتج عن ذلك علم مستقل بطبيعته الخاصة، وفي عصر التقنية والمعلومات حدث تطور نوعي في التدريس ومبادئه الأساسية، وتعليمه المتزامن - بالوقت نفسه - إلى تعليم غير متزامن أي متجاوز الـزمن مستخدمًا المعلومات الإلكترونية التي بدأت تستخدم في التدريس في القرن الواحد والعشرين .(الجبال

2016، صفحة 85)

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)