مصادر القانون الإداري:
مصدر الشيء هو أصله و سبب و جوده، و إذا كانت الخاصية المميزة للقانون الإداري أنه قانون قضائي فهذا لا يعني أنه المصدر الوحيد له بل هناك مصادر أخرى كالتشريع و العرف و الفقه و مبادئ العدالة والاجتهاد القضائي.
1- التشريع:
و هي مجموعة النصوص القانونية المكتوبة الصادرة عن السلطة العليا في الدولة، و يتنوع التشريع وفقا لما يلي:
و هو الوثيقة الأسمى في الدولة، يتضمن قواعد متعلقة بتنظيم السلطات المختلفة في الدولة[2] و اختصاصات كل منها، كما يبين حقوق و حريات و واجبات الأفراد فضلا عن مختلف الأمور الأخرى كأجهزة الرقابة و غيرها.
و يعدّ الدستور من مصادر القانون الإداري فهو يضع الأسس العامة للجهاز الإداري و أساليب تنظيمه.
- كما كرّس مبدأ المساواة في الالتحاق بالوظيفة.
- كما تضمن قواعد و مبادئ السلطة التنفيذية و ما تشمله من مؤسسات إدارية.
- كما تضمن مواد ذات علاقة بالجهاز القضائي الإداري[3].
القانون:
و هي مجموعة القواعد القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية في حدود اختصاصها، و هي صنفان، و يحكم التشريع مجالات عدة في القانون الإداري و كأساس للرقابة على مشروعية الأعمال الإدارية عامة.
و من أمثلة القوانين ذات العلاقة بما يتضمنه القانون الإداري: قانون الولاية (13)[4]، قانون البلدية (14)[5]، قانون الوظيفة العمومية (15)[6]، قانون الصفقات العمومية (16)[7]... .
2- التنظيم:
يصدر عن السلطة التنفيذية و يعد وسيلة في يد الإدارة لممارسة نشاطها قصد تحقيق أهداف و مصالح عامة.
و يأخذ التنظيم عدة أشكال منها: المراسيم الرئاسية، المراسيم التنفيذية، القرارات الوزارية المشتركة أو الفردية، القرارات الصادرة عن الولاة ة عن رؤساء المجالس الشعبية البلدية... .
3- العرف:
و هو مجموعة القواعد التي اعتادت الإدارة إتباعها لمدة زمنية في أداء وظيفتها بشكل مستمر مع الإحساس بضرورتها مما يجعلها قاعدة عرفية ملزمة، و هذا في غياب النص الذي يضبط هذا النشاط بشرط عدم مخالفة بقية النصوص الأخرى ذات العلاقة.
و يقوم العرف الإداري على ركنين:
- ركن مادي: يتمثل في اعتياد الإدارة لسلوك معين بصفة مستمرة لمدة زمنية معينة فإذا أعرضت عنه لفترة ما فلا يعد ذلك عرفا إداريا لغياب الاستمرارية فيه.
- ركن معنوي: و هو الاعتقاد بإلزامية القاعدة العرفية و عدم مخالفتها أو احترامها و إلا بعرض الإدارة للجزاء لمخالفة مبدأ المشروعية.
إلا أن العرف كمصدر للقانون الإداري يبقى أقل أهمية و يلعب دورا ثانويا عكس النصوص الرسمية.
أنواع العرف:
من بين أنواع العرف نجد:
- العرف المفسّر: لتفسير نص قانوني غامض يقوم العرف بتفسير دون إضافة حكم جديد.
- العرف المكمّل: يكون في حالة فراغ في النصوص القانونية ليكمل هذا النقص، و هنا يبرز دوره كمصدر من مصادر القانون الإداري.
4- القضاء:
إن خاصية عدم تقنين القانون الإداري و ظروف نشأته و توسع مجالاته أدّى إلى أن يتجاوز القاضي الإداري دور القاضي العادي، فيلجأ إلى الاجتهاد و خلق مبادئ و أحكام القانون الإداري ليصبح بذلك القضاء مصدرا للقانون الإداري.
إلا أن القاضي الإداري غير مطلق في ابتداع القاعدة القانونية بل هو ملزم قبل ذلك باللجوء إلى التشريع فإن لم يجد فإّلى العرف فإن لم يجد اجتهد.
ومن أمثلة ذلك: نظرية الموظف الفعلي، نظرية الظروف الطارئة، نظرية فعل الأمير.
5- المبادئ العامة للقانون:
و هي مجموعة قواعد قانونية ترسخت في ضمير الأمة و يتم اكتشافها بواسطة القضاء الذي يعلنها في أحكامه لتكتسب بذلك القوة الإلزامية وتصبح من مصادر المشروعية، و تستوحى هذه القواعد من ظروف الأمة السياسية و الاجتماعية وكذا التاريخية، ومثال ذلك: مبدأ المساواة أمام القانون، المساواة أمام الضرائب، المساواة في الانتفاع و استعمال المال العام، أعمال السيادة...
6- الفقه:
وهو مجموعة الآراء التي تصدر عن علماء القانون في شكل مؤلفات أو مقالات أو أبحاث، ولا يعتبر الفقه من المصادر الرسمية للقانون الإداري بل هو مصدر تفسيري فقط إلا أنه يلعب دورا هاما في تأسيس أحكام و قواعد القانون الإداري من خلال شرح النصوص، توجيه انتقادات، اقتراح حلول، التعليق على أحكام قضائية...، وقد يعتد المشرع بهذه الآراء الفقهية في سن النصوص القانونية أو تعديلها (17)[8].