1/مفهوم الفساد

ا.تعريف الفساد لغة ُ وفساد الشيء بطلانه  فسد هو ضد صلاح الشيء الفساد يعني  غير صالح، وفسد اضمحل وبطل وتلف. الفساد هو العطب، وذهاب منفعة وفائدة الشيء. و الفساد نقيض الصالح، فسد يفسد فهو فاسد غير صالح

ب.الفساد اصطلاحا :هناك العديد من التعريفات منها:

تعريف البنك الدولي: الفساد هو استغلال أو إساءة استعمال الوظيفة العامة من أجل المصلحة الشخصية، أو المكسب الخاص.

ويعرف معجم أوكسفورد الفساد بأنه: انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة، من خلال الرشوة والمحاباة.

 تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: الفساد هو إساءة استعمال السلطة العمومية أو المنصب أو الوظيفة للمنفعة الخاصة، سواء عن طريق الرشوة أو الابتزاز أو استغلال النفوذ أو المحسوبية أو الغش، أو تقديم إكراميات للتعجيل بالخدمات ا ما يعتبر جريمة ً ، أو عن طريق الاختلاس،. ورغم أن الفساد كثير يرتكبها خدام الدولة والموظفون العامون، فأنه يتفشى أيضا في القطاع  الخاص

 منظمة الشفافية الدولة: الفساد هو استغلال السلطة من أجل المنفعة الخاصة.

ومن خلال ماتقدم نجد ان من مواصفات الفساد هي:

-الرشوة وهي جريمة تعني طلب الموظف العام أو الخاص أو قبوله أموال أو مزية غير مستحقة، مقابل تقديمه خدمة عامة أو قيامة بمهمة أو وظيفة من وظائفه أو الامتناع عنها، أو تسهيل إجراء إداري ما في غير محله، أو يقوم بابتزاز الزبون أو استغلال نفوذه لدى إدارة عمومية من أجل إعطاء الغير فائدة أو امتياز معين، نظير هدية أو وعد أو هبة.

-خيانة الأمانة أي اختلاس الممتلكات التي وضعت كأمانة في عهدته أو أتلافها أو اهمالها أو احتجازها ومصادرتها، سواء كانت ملكا للدولة أو للخواص

- المحاباة و التستر على الأخطاء و جرائم الفساد، عرقلة سير تحقيقات العدالة، إخفاء المتورطين...الخ

2/انواع الفساد

تنتشر في المجتمع الكثير من أنواع الفساد، تختلف من حيث الحجم والمجالات وغيرها

ا.حسب الحجم:

الفساد الكبير يقوم به المسؤولون الكبار في الدولة وفي المؤسسات الاقتصادية الكبرى (تزوير الانتخابات، فضيحة سوناطراك، اختلاسات الخليفة، الطريق السيار، تبييض الأموال.

الفساد الصغير يقوم به الموظفون الصغار عادة، و يتمثل في الرشاوي الصغيرة، المحسوبية، المحاباة، التغيب عن العمل بدون مبرر

ب.حسب المجال:

-الفساد الإداري: تعريف معجم ويبتسر: هو إقناع شخص مسؤول عن طريق وسائل خاطئة كالرشوة مثال بانتهاك الواجب الملقى على عاتقه.

'تعريف البنك الدولي:الفساد الإداري هو إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص، ويحدث عندما يقوم موظف بقبول طلب أو ابتزاز أو رشوة لتسهيل عقد أو إجراء منافسة عامة، كما يتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمالخاصة، تقديم رشوة للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على المنافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين، كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة، وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة''.

وعليه فالفساد الإداري كغيره من أنواع وأشكال الفساد األخرى عبارة عن سوء استغلال السلطة التي وضعت بين يديه، وعدم اعتبارها أمانة ومسؤولية أخلاقية، وبالتالي تجاوز القوانين المعمول بها وهتك مبدأ تكافؤ الفرص والكفاءة والمساواة، تحقيقا للمصلحة الشخصية الضيقة والحصول على مكاسب غير مشروعة 

-الفساد المالي هو سوء استخدام الموارد المالية العامة، بتحويلها للمصلحة الخاصة، وكذلك استغلال وسائل المؤسسة أو الوظيفة لأغراض شخصية، أو هو مجمل الانحرافات المالية والتجاوزات التي تمس المال العام أو مال الغير بغير حق أو مبرر قانوني، مثل قبول الرشوة والاختلاس والابتزاز والتهرب الضريبي أو الجبائي وتحويل أموال المساعدات للمصلحة الشخصية 

-الفساد السياسي وهو مرحلة يجب أن تمر بها المجتمعات خلال مسار التحول من الدكتاتورية إلى الديمقراطية، أو بشكل أدق، من المجتمع التقليدي إلى العصري . والفساد السياسي لصيق بالاحتكار والتفرد بالسلطة والثروة، وعالجه يبدأ مع المشاركة السياسية والرشادة في تسيير الشؤون العامة، وتفعيل آليات المكاشفة والشفافية والمحاسبة. الفساد الاجتماعي هو تلك السلوكيات التي تتناقض والمعايير الاجتماعية المقبولة من طرف النظم الاجتماعية وعند سيادة هذا النوع من الفساد، يكثر العنف وقطع الطريق والسرقات والسطو على ممتلكات الغير والممارسات المخلة بالأدب العامة.

 -الفساد الأخلاقي هو تلك مجمل السلوكيات المنحرفة أخلاقيا، كاستغلال العملاء لوظائفهم أو حاجتهم للخدمة بطلبات غير شرعية، أو أشياء مكلفة لهم، إضافة إلى بعض السلوكيات الفاسدة كالتكبر والنميمة وعدم الاحترام، وآفات مثل الكذب والسكوت عن الخطأ والمنكر واستغال النفوذ على حساب المراجعين والمحتاجين للخدمة

3/مظاهر الفساد الإداري والمالي:

الرشوة: هي حصول الموظف على أموال أو هدايا مختلفة، بهدف إنجاز خدمة معينة لفائدة الراشي، أو الامتناع عن إنجاز الأعمال عكس ما ينص عليه القانون وتعد هذه الأموال أو الهدايا كسبا غير مشروع، وأركان الرشوة  هي: الذي يعطي الرشوة (الراشي)، والذي يأخذها (المر تشي)، والذي يوصلها (الوسيط) . وتعد الرشوة أحد ابرز مظاهر الفساد المالي والاداري وتعد من الكبائر في الاسلام

  • *المحسوبية: هي تقديم خدمات لصالح فرد ما أو جهة معينة، مقابل خدمة أخرى، يستفيد منها مقدم الخدمة مستقبلا (خدمة بخدمة)، وقد تكون غير مشروعة، أو غير قانونية، وهذا النوع من الفساد فيه انتهازية وعدم إخلاص ونزاهة.

*المحاباة: هي تفضيل شخص أو جهة على شخص أو جهة أخرى، حسب الانتماء أو القرابة دون  حق.

* الواسطة: وتعني قيام شخص ثالث بدور الوسيط في نيل خدمة أو شيء ما قد يكون مستحقا أم لا، لكن فيه نوع من التدخل عن طريق النفوذ، والتعدي على الصلاحيات وأصول العمل وكفاءته 

*الابتزاز: هو قيام الموظف بابتزاز والضغط على الزبون لتقديم مال أو خدمة معينة، مقابل استفادته من حقه، وهذا التهديد سواء العلني أو الخفي مضر بالمصلحة العامة ونزاهة الوظيفة. ومن ذلك التهديد بإفشاء الأسرار، أو اتلاف الوثائق.

*التزوير: هو إحداث تغيير أو تحوير على وقائع أو حقائق معينة، أو وثائق، حتى يتم الحصول على منافع غير مستحقة وغير قانونية، ومن ذلك الغش، تقليد السلع والبضائع (السرقة الاقتصادية)، التعدي على حقوق الملكية وحماية المؤلف، الكذب، شهادة الزور

*نهب المال العام والنفاق غير القانوني له: هو أخذ أموال وممتلكات المؤسسة، والتصرف فيها كيفما شاء الموظف العام، دون الالتزام بالحفاظ عليها، أو قيامه بتبذير تلك الممتلكات مثل استعمال سيارة المؤسسة لأغراض شخصية، غسل سيارته بمياه المؤسسة، أخذ لوازم العمل واستغالها، مثل الكاميرا في الأعراس.

*التباطؤ في إنجاز المعاملات: أي تأطير إتمام المهام بسبب عدم الرغبة في الوظيفة، وضعف الانتماء التنظيمي، مما يؤدي إلى اللامبالاة والتسويق وترك المهام وتأجيلها، والسبب هو غياب المتابعة والمراقبة والمحاسبة عدم إيلاء الأهمية اللازمة بشكاوي المواطنين والمتعاملين مثل اللعب بالكمبيوتر، الأحاديث الجانبية.

 *الانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية: وأهم مظاهرها هي البيروقراطية، ونقل الملفات والإجراءات الإدارية وتعقيدها، وسوء تأويل النصوص التنظيمية وتضاربها لأغراض ومصالح ذاتية، وأو لعرقلة مشاريع وبرامج ال تخدم تلك المصال.

* عدم احترام أوقات ومواعيد العمل: في الحضور والانصراف أو تمضية الوقت في قراءة الصحف واستقبال الزوار والامتناع عن أداء العمل والتراخي والتكاسل وعدم تمحل المسؤولية.

*إفشاء أسرار الوظيفة: تداول تفاصيل وأسرار العمل أو المعلومات المتعلقة بالأشخاص خارج أسوار المؤسسة لفرض التسلية، أو تقليل الاحترام أو السب أو انتقاما منهم.

*تبييض الأموال: توظيف الأموال الفاسدة في مشاريع ومؤسسات ومدخرات بنكية وضعف المؤسسات و تضارب المصالح و السعي للربح السريع .

4/آثار الفساد الاداري والمالي: الفساد الاداري والمالي هو أحد مظاهر ونتائج االادارة السيئة، وتمتد آثاره اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا 

ا.آثار الفساد على الجانب الاقتصادي : للفساد تكلفة باهظة اقتصاديا، منها ما يلي :

  • هدر وضياع أموال ضخمة لفائدة بعض الأفراد والمسؤولين الفاسدين، مما يرفع من تكاليف الإنتاج .
  • ضعف أداء المؤسسات وضعف الإنتاج في الكم وفي النوع أو الجودة.
  • تعطل النمو الاقتصادي وعدم تحقيق الأهداف .
  • عدم الاستفادة من الكفاءات وذوي المؤهلات العلمية من الإطارات في العمل، حيث يستفيد من المناصب النوعية وحتى البسيطة أصحاب الوساطات والمحسوبية .
  • غياب المنافسة المشروعة بين الموظفين بسبب اعتمادهم على الوساطات والمحاباة
  • غياب الرقابة والمحاسبة بسبب الاعمال غير الاحترافية والقائمة على القرابة والمحاباة. فتفقد المؤسسة للفعالية التنظيمية .
  •  سيادة المعاملات الفاسدة والصفقات المشبوهة في التعاملات الاقتصادية بين رجال الأعمال والمؤسسات، مما يؤثر على مناخ الاستثمار ورغبة المستثمرين النزهاء في زيادة الأعمال والاستثمار
  • المنافسة غيرالشريفة بين الشركات والمؤسسات تؤدي إلى فشل وزوال المؤسسات الصغيرة لعدم قدرتها على مواجهة الاحتكار والفساد .

  • تدني مداخيل الدولة أو الخزينة العمومية من أموال الضرائب و الرسوم نتيجة التهرب الضريبي والجمركي .

  • هشاشة وضعف البنية التحتية والإنشاءات العامة، مثل الطرق والجسور والسكنات وغيرها، وبالتالي خطورتها على المجتمع، بسبب الرشاوي والعمولات التي يتلقاها موظفو الدولة مقابل استقبال و تمرير تلك الإنجازات المغشوشة.

ب .آثار الفساد على الجانب الاجتماعي

تدني مستوى المعيشة وانتشار الفقر والتهميش والقصاء لدى الفئات الهشة-

-المساواة واللاعدالة اجتماعية.

-غياب تكافؤ الفرص المنصوص عليه في الدساتير.

-فقدان المواطنين لحقوقهم وعجز الدولة عن التكفل بها بسبب الفساد.

-تأثر المشاريع الاجتماعية سلبا وتعطل إنجازاها، مما يخلق حرمانا من الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.

-تصدع النسيج الاجتماعي وخلق نظام اجتماعي طبقي تسوده التفرقة والتفاوت الاجتماعي و الكراهية والعداوة، وبالتالي خلق قنبلة اجتماعية موقوتة تهدد السلم الاجتماعي واللاامن والاستقرار في أي لحظة .

-استفادة فئة الفاسدين من امتيازات غير مستحقة، تؤدي بهم إلى الارتقاء الاجتماعي المذموم . اهتزاز الشعور بالمواطنة لدى مختلف فئات المجتمع المهمشة والمتأثرة سلبا من الفساد

  جآثار الفساد على الجانب السياسي

.اهتزاز الثقة المواطنين في الدولة مؤسساتها

انسحاب المواطنين من الشأن السياسي لشعور هم بعدم جدوى إصلاحات وسياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية

 . تعرض الدولة لأزمات وعدم الاستقرار السياسي بسبب عدم تعاون الأحزاب ورفضها لسياسات الدولة

وصول شخصيات سياسية غير نزيهة إلى المناصب القيادية في الدولة، واستبعاد أصحاب الكفاءة في تسيير شؤون الدولة والمجتمع في الجزائر، وحسب تقرير مؤشر مدركات الفساد CPI لدول العالم، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2017 فقد احتلت الجزائر المركز112 أي أنها تقع في المنطقة الحمراء من مستوى الفساد المدرك، مما يدل على خطورة آثار هذه الظاهرة المدمرة على الاقتصاد وعلى المجتمع الجزائري.

محاربة الفساد في الجزائر

أ- الهيئات و الوطنية لمكافحة الفساد

1- الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته

1-1- تاسيس الهيئة

بعد مصادقة الجزائر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المرسوم الرئاسي(04\128 المتضمن المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المؤرخ في 19 \04\2004) ، استحدثت الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته مؤسسة متخصصة في مجال مكافحة الفساد بالجزائر ، و هي عبارة عن سلطة إدارية مستقلة و لا تخضع لأي رقابة إدارية أو وظيفة . و هي مؤسسة مهامها تتمثل فيما يلي:

- اقتراح برنامج عمل للوقاية من الفساد

- تقديم توجيهات تخص الوقاية من الفساد إلى كل شخص أو هيئة عمومية أو خاصة

- اقتراح تدابير تشريعية و تنظيمية للوقاية من الفساد

- مساعدة القطاعات المعنية العمومية و الخاصة في إعداد قواعد أخلاقيات المهنة

- جمع ومركزة و استغلال كل المعلومات التي يمكن أن تساهم في كشف الفساد.

-التقييم الدوري للأدوات القانونية و التدابير الإدارية في مجال الوقاية من الفساد.

- تلقي تصريحات بالممتلكات الخاصة بأعوان الدولة بصفة دورية.

- دراسة استغلال المعلومات الواردة في التصريحات بالممتلكات و السهر على حفظها.

- جمع الأدلة و التحري في الوقائع الخاصة بالفساد بالاستعانة بالهيئات المختصة

1-2- علاقة الهيئة بالسلطة القضائية:بالرجوع إلى المادة 22 من قانون 06\01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته، على أنه عندما تتوصل الهيئة إلى وقائع ذات وصف جزائي تحول الملف إلى وزير العدل حافظ لالأختام و الذي بدوره يحيله إلى النائب العام المختص لتحريك الدعوى العمومية عند الاقتضاء. و هذا ما اكدته المادة 09 من المرسوم، و بالتالي نجد ان دور الهيئة وقائي بحت في مكافحة الفساد، و ايضا يمكن لها مساعدة الجهاز القضائي المختص من خلال إخطاره بالوقائع التي تصل إلى عملها ، و ترى أنها قد تشكل وصف جرائم فساد و يبقى الدور الأصيل في تحريك و مباشرة الدعوى العمومية حكر على النيابة العامة حتى في جرائم الفساد.

2- الديوان المركزي لقمع الفساد

استحدث المشرع الجزائري الديوان المركزي لقمع الغش بموجب المادة 24 من قانون 06\01 و بموجب المرسوم الرئاسي11\426 .و من خلال استقراء نصوص المرسوم نجد أن الديوان يناط به مجموعة من المهام في سبيل البحث و الكشف عن جرائم الفساد تتمثل هذه المهام أساسا في :

- يقوم المدير العام للديوان بإعداد تقارير حول عمل هذا الأخير و يرسلها إلى وزير العدل حافظ الاختام.

- تكلف مديرية التحريات بالأبحاث و التحقيقات في مجال جرائم الفساد.

- نكلف مديرية افدارة العامة بتسيير مستخدمي الديوان و وسائله المالية و المادية.

3- دور اللجان الوطنية المحلية لمحاربة الجريمة

تعتبر الهيئات و المؤسسات الوطنية الرسمية أو الحكومية المكلفة و المهتمة بمكافحة الفساد كثيرة و مختلفة منها ، خلية الاستعلام المالي اللجنة المصرفية ، أجهزة القضاء و الاقطاب القضائية المتخصصة، مجلس المحاسبة ، المرصد الوطني لمراقبة الرشوة سابقا الذي تم حله و استبداله بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، المفتشية العامة للمالية، مصالح الضرائب و مصالح التجارة المكلفة بقمع الغش...و غيرها من اجل معالجة بعض نقائص و الاختلالات على مستوى التعاون و التنسيق بين مختلف المصالح و القطاعات المكلفة بمحاربة الجريمة. و بالتالي إيجاد صيغ افضل و ترتيبات أحسن للتنسيق و التعاون بين كافة هذه القطاعات و المصالح بالنسبة لهذا الموضوع .ففي المرسوم المتعلق بمكافحة الجريمة ، و لأول مرة في تاريخ النظام القانون الجزائري تم استحداث جهازين ، احدهما على المستوى الوطني يتمثل في إنشاء لدى الوزير المكلف بالداخلية لجنة وطنية لتنسيق اعمال مكافحة الجريمة. لاسيما اللصوصية و المخدرات      و المساس بالنظام العام و الغش بمختلف أشكاله ، و تتولى هذه اللجنة المهام التالية:

- ضمان تنسيق تبادل المعلومات و الأعمال و الوسائل التي سخرتها مختلف المصالح للوقاية من كل المظاهر الاجرامية و افشالها.

-اقتراح كل التدابير التي من شانها تحسين التنسيق و الفعلية في مكافحة الجريمة.

اما بالنسبة للجهاز المؤسس على المستوى المحلي، يتمثل في إنشاء تحت رئاسة الوالي.

4- الهيئات و المنظامت الوطنية غير الحكومية

على رغم من وجود اكثر من 85000 جمعية وطنية و محلية ، إلا أن الجمعيات و الهيئات الوطنية غير الرسمية المهتمة بالوقاية من الفساد و الفساد المالي بصفة خاصة قليلة جدا، و هي الجمعية الوطنية لمكافحة الآفات الاجتماعية، اللجنة الوطنية لمبادرة الفساد قضية المجتمع، الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد ، الكشافة الاسلامية الجزائرية، الخلية الوطنية لحامية الملاك العمومية.

و الملاحظ في حالة الجزائر بالرغم من وجود هذه الترسانة من الهيئات و المنظمات و اللجان لمكافحة الفساد ، فإن الفساد الاداري و المالي في الجزائر وصل على مستويات قياسية ، بحيث اصبح يهدد الاستقرار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ، و جعل سمعة الجزائر بين الدول العربية و العالم في الحضيض، و هذا بسب تعطيلها و غياب فعالياتها.

تجارب بعض الدول في محاربة الفساد الإداري و المالي

هناك بعض الدول التي خاضت تجارب مهمة في مكافحة الفساد الإداري بأساليب مختلفةو استطاعت من خلال جهودها أن تقضي عليه أو تخفض معدل

الصين:تعد الصين من الدول التي ينتشر فيها الفساد ، و قد بلغ مؤشر إدراك الفساد فيها 3.4 لعام 2003و 3.2 لعام 2005و 3.6 لعام 2008 مع العلم أن أعلى قيمة لهذا المؤشر هي 10 نظيف جدا و أقل قيمة له هي الصفر فاسد جدا، و لذلك فهي من الدول التي ترتفع فيها معدلات الفساد.و قد اتخذت الدولة بعض إجراءات التي تهدف إلى مكافحة الفساد و مقامته ، و كانت لها تجربة تتمثل في:

- وضع عقوبة شديدة لمواجهة الفساد لدرجة أنه تم الحكم بالإعدام على بعض المرتشين.

قامت الدولة بتوفير الحوافز التي تدفع الأفراد للابتعاد عن الرشوة و الفساد إلى جانب العقوبة  من خلال رفع دخول المواطنين وتحسين مستوى المعيشة

.2- سنغافورة:تعد تجربة سنغافورة رائدة و فريدة بالنسبة للدول التي حاربت الفساد،فقد نجحت في إزالته ، فهي تأتي في مقدمة الدول التي تتمتع بمستوى نظيف من الفساد مع فلنداو إسلندا  و الدانمارك، و يلغ مؤشر مدركات الفساد بها 9.4 لعامي 2003 و 2005 ، و تراجع إلى 9.2 عام 2008 و 8.6 في عام 2013 و الإجراءات التي اتبعتها الدولة مكنتها من القضاء على الفساد بعد أن كانت منذ نحو ثلاثين عاما من أكثر الدول التي ينتشر فيها الفساد فقامت الدولة:

 أ- بتخفيض عدد القوانين و القواعد و الإجراءات و قامت بتبسيط و توضيح الإجراءات كافة بأن لا تسمح بأي خروج أو خرق للقوانين

.ب- رفعت الدولة رواتب و أجور الموظفين العموميين لكي لا يلجؤوا للفساد و يعد راتب الوزير السنغافوري أعلى راتب وزير في العالم، و أي محاولة فساد ستحرمه من وظيفته و من دخله المرتفع ، فضلا عن أنه لن يستطيع أن يحصل على وظيفة أخرى..

آخر تعديل: الجمعة، 20 ديسمبر 2024، 7:58 PM